مواقيت الصلاة

مواقيت الصلاه بحسب التوقيت المحلى لمدينة المدينة المنورة ليوم الجمعة, 10 شوّال 1445هـ

الفجر
04:35 ص
الشروق
05:56 ص
الظهر
12:21 م
العصر
03:49 م
المغرب
06:46 م
العشاء
08:16 م
المشاهدات : 87798
التعليقات: 0

عندما نتساءل عن التعليم

عندما نتساءل عن التعليم
https://www.alshaamal.com/?p=7840

ثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن استحواذ أي مؤسسة أو إدارة على ولاءات موظفيها أصبح يشكل أولوية بالنسبة لها ، ولذلك فإن معايير الجودة تركز وبصورة مباشرة وعالية على مدى رضا العاملين عن مؤسساتهم لأن ذلك يعني الأداء بجودة عالية.

والموظف الذي يعطي بلا حدود إنما هو الذي ينتمي لمؤسسته ويعتبرها من خصوصيته الذاتية وينافح عنها ويعطي من جهده ووقته بلا حدود ، وللمتأمل في واقع الشركات والمؤسسات المرموقة يجد أن موظفيها يعدونها جزءً من مقدراتهم الخاصة
والولاءات لا تأتي فقط بقدر المردود المادي فحسب وإنما تتنامى بقدر ما تقدمه لهم إداراتهم من اهتمام ورعاية ، ومع ذلك فإن تلك المؤسسات والشركات التي بلغت في النجاح مداه لا تقبل من منسوبيها أقل درجات الجودة والدقة والانتظام .

 

ولعل ما يدعوني للحديث هنا عن الانتماء والجودة هو حال التعليم ونظام التعليم في وطننا الغالي ، فهو أولى بكثير أن يكسب ولاءات العاملين في التعليم ولعل من المهم أن أفصِّل القول في هذا الجانب .

 

أولا : أصبحت الوزارة في حالة من التحدي مع منسوبيها فهي تعمل بقوة الضغط الذي لا يراعي حاجات وظروف العاملين فيها لتبرهن أن العمل انتظام فقط يتحقق بالحضور والانصراف والالتزام بالمواعيد ، وبين الحضور والانصراف تتهاوى قيم التعليم وجودة الأداء واستشعار المسئولية .

 

ثانياً : أصبح العاملون في الميدان التربوي يرون أنهم أدوا مسئولياتهم التي أناطتها بهم الوزارة بمجرد حضورهم وانصرافهم وفق ما هو مطلوب منهم ذلك أن التحفيز والرقابة تنصبان على عامل الحضور والانصراف دون سواهما .

 

ثالثاً : أصبح النظام غير واضح وغير محدد بل أصبح مضطرب في ظل تعدد مصادره من اقسام الوزارة دون تنسيق أو مرجعية موحدة ، وكثرت نقاط التعارض بين كثير من معطياته ومخططاته حتى أن العاملين لا يستطيعون وضع خطة محققة للأهداف التي رسموها في ظل حالة عدم الاتزان التي يتسم بها العام الدراسي .

 

رابعاً : اصبح هناك أنظمة وبرامج الكترونية إدارية تصدر من الوزارة لا يمكن للعاملين أن يتعاملوا معها بالصورة الصحيحة إلا أن يضحوا بأمرين أو على الأقل بأحدهما
1) أن يضحوا بالمصداقية في التعاطي مع تلك الأنظمة
2) أو أن يضحوا بالعمل نفسه الذي أصبح ضحية لانشغال العاملين بتلك البرامج والأنظمة التي تتزاحم بين يدي العاملين .

 

خامساً : هناك انفصال بين الجهة المنظرة التي تشرف على التعليم وبين الميدان التعليمي وهذا الانفصال التام ولد فجوة كبيرة وقع ضحيتها مستوى التعليم وجودته واحتياج المستفيد الأول ( الطالب ) الذي اشتغل عنه العاملون بتلبية رغبات وزارتهم أو مقابلة البعض منهم لتحدي وزارتهم بتحدٍّ موازٍ
وهنا أقول من واقع خبرة ميدانية لصيقة للعمل التعليمي ومعرفة بواقع العاملين فيه أن العاملين لا يمانعون في أن يؤدوا وفق معايير جودة عالية جداً ومن السهل جداً أن يمنحوا ثقتهم وولاءاتهم للتعليم ويقدموا من الابداع الشيء الكثير ولكن ذلك لن يتحقق إلا وفق منظور شامل لعلي آتي على بعض عناصره فيما يلي :-

أولا : أن يعرف المعلم حقوقه وواجباته منذ اللحظة التي يتم التعاقد معه فيها ، ولعل من المحزن أن نعرف جميعاً أن طالب الجامعة يتخرج من جامعته ليوجه للتعليم بعد بعض الاختبارات التقليدية والمقابلات الهشة ليُعطى خطاباً بعدها ليباشر العمل في مدرسة من مدارس التعليم العام مع ما يفتقده من اساسيات مهمة جداً في بداية مشوار عمله ومن أهمها
1) عدم معرفته بالأساسيات المهمة وفي مقدمتها سياسة التعليم في المملكة العربية السعودية ولعلني أستطيع أن أؤكد أن المعلم لا يعرف عن سياسة التعليم في المملكة إلا ما يقع بين يديه عرضاً وليس أساساً
2) حقوقه التي يجب أن يعرفها تمام المعرفة ليعلم حدود ما يلزمه المطالبة بها
3) واجباته التي دأبت الوزارة على أن تترك للمعلم اكتشافها بنفسه ولا مانع أن يخطي ويصيب المرة تلو الأخرى حتى يصبح قبيل تقاعده بقليل ملماً ببعضها
4) مسئولياته كعضو مؤسس لمشروع البناء والتنمية في وطن مثل المملكة العربية السعودية أصبح قادته يزاحمون بالمناكب دول العالم الأول في جميع المجالات ويُنظر له كنموذج الدولة الحديثة في رؤيتها ومبادراتها وحضورها الدولي في جميع المحافل وصناعة القرار .

 

ثانياً : أن يكون النظام مؤسسي مبني على خبرات تراكمية ذات جودة عالية لا تؤثر فيها أهواء ومزاجات شخصية تتغير بتغير مواقع المؤثرين فيها ، ولعل من الملفت أن التعليم والتعليم وحده مر بتجارب عديدة لم يكتب لها الاستمرار والنجاح بل كانت عثرات يبقى أثرها طويلاً وأسوأ الآثار المترتبة على تلك التجارب المخفقة فقدان الثقة بين الوزارة وممثليها في الواقع التعليمي ويأتي بعده الميزانيات التي تهدر تباعا لخطط عمل لا طائل من ورائها .

 

ثالثاً : أن يكون للتدريب عناية من نوع خاص ولعل من المهم أن أذكر أسوأ عيوب التدريب في الميدان التعليمي إذْ تبدأ الفكرة من الوزارة التي يجب أن يقوم بتنفيذها المعلم في الميدان فتبدأ الوزارة في سلسلة من التدريب عبر حلقات أولها العاملين في الوزارة ثم الإدارة التعليمية ثم المكاتب وإدارات التدريب والمشرفين ثم تصل للمعلم عبر أضعف سلسلة وقد فقدت الكثير من خصائصها لتكون في حالة من الضعف لا تحمل مضموناً ولا هدفاً ولا تحقق رؤية، فيما التدريب يعتبر الركيزة الأساسية للتغيير وتحقيق الأهداف ولا يمكن بأي حال من الأحوال وتحت أي ظرف أن يحقق المطلوب منه مالم يكن موجهاً للمعلم مباشرة ومن خلال مراكز متخصصة في مهارات التدريب وعلى أن تمنح للمتدرب مزايا ويتبعه قياس الأثر واحتسب النقاط التنافسية .

 

رابعاً : أن يكون هناك أولويات في خطط وبرامج الوزارة ومن المهم أن أذكر بعضها مرتبة حسب أهميتها :
1) المستفيد الأول ( الطالب ) و معرفة احتياجاته ودراسة قناعاته والعمل على استقطابه كعميل وليس مستهدف ولعل الفرق بينهما واضح .
2) البيئة بصورها المختلفة ، بيئة الصف وبيئة المدرسة ، وبيئة المهارات والهوايات والمواهب ، وبيئات المرافق المختلفة وأن توجه ميزانيات الهدر في كثير من التجارب على البيئة المحفزة والمستقطبة للطالب .
3) التدريب المتخصص مع بناء سلم النقاط لكل متدرب لينافس على أفضل الممارسات وأفضل المهارات عندما يدرك أن بناء الذات المبدعة يقابلها حقوق محفوظة .
4) صياغة نظام يُحفظ عبر وثيقة معتمدة تشتمل على سياسة التعليم للملكة العربية السعودية ثم رؤية الدولة ثم رؤية الوزارة ثم اللوائح والنظم والأدلة التي يقوم عليها التعليم ومن المهم أن تسلم للمعلم قبل ممارسة التعليم ويعطى من الوقت ما يكفي لقراءتها واستيعابها ولا يمنع أن يكون هناك اختبار قياس لمحتواها يعطى أهمية في قبوله أو رفضه في المجال التعليمي .
5) تقنين البرامج والأنظمة الالكترونية لتصبح نظاماً تعليمياً شاملاً ويكون سجلاً لكل مستخدم يحفظ حقوقه وانجازاته ومهاراته وعلى أن يشتمل على سلماً للتقييم المحفز المبني على نقاط القوة والضعف يكون لما حققه من تطوير ومهارات مجالاً رحباً ويتأثر سلباً بجوانب القصور لديه ويتنامي مع معايير الجودة التي يحققها ويشارك في تحقيقها .

 

وأخيراً فإن التعليم بناء أمة ومشروع دولة ووطن وأفراد مجتمع لا يستساغ معه الاحتكام لنظام التوجيه بالإكراه وتوقف معايير النجاح عند عنصر الحضور والانصراف وإنما تعمل الوزارة مع ممثليها في الميدان التربوي على أنهم شركاء بقدر ما يأخذوا يصبح مطلوباً منهم العطاء ويقع الحكم على جودة الانجاز وليس على شكل الانجاز .

 

محمد عبدالرحمن آل دغيم
خبير في القيادة التعليمة

التعليقات (٠) أضف تعليق

أضف تعليق

بريدك الالكترونى لن نقوم بأستخدامه.

You may use these HTML tags and attributes:
<a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <s> <strike> <strong>