لم يكن الطعام يومًا مجرّد حاجة بيولوجية، بل أصبح في هذا العصر أداة تواصل بين الشعوب، ووسيلة للسفر دون أن نغادر الطاولة. ومع تطور مفهوم السياحة العالمية، تحوّل الطعام إلى مهرجانٍ مستقلّ، يحتفى به كما يُحتفى بالفنون والموسيقى. تُقام له الفعاليات، تُطلق له التذاكر، وتحجز لأجله الطائرات والفنادق. نعم، لقد أصبح الطعام مهرجانًا… متى ولماذا؟
مهرجانات الطهي العالمية:
في مدن مثل ليون الفرنسية أو نابولي الإيطالية، تُقام مهرجانات للطعام يتوافد عليها الزوار من مختلف أنحاء العالم. لا لشيء إلا لتذوّق طبق بيتزا أصلي أو وصفة تعود للقرون الوسطى. في نيويورك، تُقام مهرجانات الشارع التي تحتفي بنكهات الشعوب المهاجرة، وفي سنغافورة يُجمع الطهاة من آسيا ليتحدوا في تقديم الأفضل أمام جمهور عالمي.
السعودية والطريق نحو المذاق السياحي:
في السنوات الأخيرة، بدأت المملكة تدخل هذا العالم المليء بالنكهات والروائح. مهرجان البن في جازان، مثال على ذلك، لا يقدّم فقط القهوة، بل يعرض قصة الإنسان والمكان، من زراعة البن وحتى تقديمه بفخر على الجمر. ومهرجان التمور في القصيم، هو الآخر، ليس فقط سوقًا للبيع، بل احتفاءً بثقافة الضيافة.
الطهي كتجربة سياحية:
السائح اليوم لا يبحث فقط عن فندق أو موقع أثري، بل يسأل: “ماذا سأأكل هناك؟”. والجواب في السعودية أصبح مغريًا: مفطح نجدي، حنيد عسيري، مغش في جازان، أو معصوب حجازي على أصوله. بل إن هناك تجارب “الطبخ مع السكان المحليين” بدأت تظهر في بعض المناطق، وهي اتجاه عالمي يُمزج فيه الطهي بالضيافة والسياحة.
ما الذي ينقصنا؟
ينقصنا أن نؤمن بأن المطبخ السعودي، بكل تنوعه، هو جزء من الهوية الوطنية القابلة للتصدير. أن نمنح الطهاة المحليين فرصة الظهور، وأن نربط المهرجانات السياحية بمحتوى طهوي يعكس تراثنا. وأن يكون هناك، يومًا ما، مهرجان سعودي للطهي، يُدرّس في كليات السياحة ويُعرض في شاشات الطهي العالمية.








مقال رائع