قديماً كان للشارع النصيب الأكبر من التربية؛ فبعد المدرسة كنا نجتمع في الشارع أو (البرحة)نلعب ونتسامر ونستمع لحكايات كبار السن، وبين فقرة وأخرى يتخللها النصح والإرشاد، وغالباً ما يكون متعلقًا بأحداث (السبحانية)فتعلق النصيحة في أذهاننا. وهذا ما يُعرف اليوم بـ التربية بالترفيه.
ومن أعجب صور التربية آنذاك، أننا صنعنا مرجيحة من أثلة البرحة، فيمر أحد كبار السن وهو في طريقه للصلاة، فيطلب أن يشاركنا التمرجح ويدفعنا بقوة وهو يسألنا عن طريقة صنعها، ثم يختم بقوله:
(وش رايكم نروح نصلي ونرجع؟)فنذهب معه للمسجد نصلي ثم نعود لنكمل لعبنا. وهكذا غرسوا فينا حب الصلاة والمحافظة عليها.
بل إننا إذا كنا نلعب ووجبت الصلاة، كان يمر من عندنا أحد كبار السن مرددًا: (صلوا الله يصلحكم)فتستقر العبارة في قلوبنا. ولن أنسى موقف جارة فاضلة –رحمها الله– كانت تجمع أبناءها وأبناء الجيران في الشارع، فنجلس حولها لتسدي لنا النصائح في شتى مجالات الحياة، وقد تركت فينا أثرًا عظيمًا في السلوك والتربية.
أما اليوم، فالشارع لم يعد كما كان؛ لم يعد مكانًا للتربية، بل صار مصدرًا للخوف وعدم الاطمئنان. نسأل الله العافية.







