في زمنٍ يعلو فيه الجدل على الفهم، وتُرفع فيه الأصوات فوق العقول، تظلّ الحكمة همسًا لا يسمعها إلا العاقل.
من الصعب تغيير تفكير ونظرة فئةٍ من الناس لا ترى الحقَّ حقًّا، ولا ترى الباطل باطلًا، بل يرون ما يريدون؛
تعصّبًا، ونفاقًا، وتحيّزًا، يعتريهم ضعفٌ ونقصٌ واهتزازٌ في الثقة.
ليس لديهم بصيرةٌ تُوجّههم، ولا فكرٌ يقودهم إلى الصواب،
فيمارسون شتّى أنواع الأذى على من يُشعرهم بنقصهم،
ومن يرون أنه يهدّد كيان حضورهم، محاولين جذب انتباه الآخرين إليهم، حتى لو استدعى الأمر التحريض وشنَّ حربٍ خفيّةٍ اسمها: هو قال، وفعل، ومن يظنّ نفسه…
فيلعب الشيطان لعبته القذرة.
وهنا تتجلّى الحكمة:
“خاطبوا الناس على قدر عقولهم”،
فبعض العقول لا تحتمل نور الحقيقة، ولا تطيق صوت الحق، فلا جدوى من مجادلتها.
هؤلاء قد جُبلوا على شخصياتٍ وصفاتٍ تخصّهم،
فالإنسان عمومًا هو مزيجٌ من عقلٍ وصفاتٍ وسماتٍ خُلق بها، بصمةٌ لا تشبه أحدًا؛ فاختر بصمتك.
نحن لم نُخلق معزولين عن الحياة الاجتماعية،
فـ”الدين المعاملة”،
ونُجبر طوعًا وانصياعًا على التواجد مع أناسٍ يختلفون عن أفكارنا وقيمنا ورُقيّ أخلاقنا.
ومن يدسّون السمَّ في العسل، ويلقون عليك خبث أفكارهم، ويضعون بك ما ليس فيك، ويلبسونك ثيابهم الرثّة، ويرتدون ثيابك الثمينة، تراهم يخشونك في حضورك،
ترعبهم نظرةُ عينيك العابرة، فيدركون سوء خفاياهم.
فليس الانتصار في أن تُثبت أنك على حق،
بل في أن تملك حكمةَ الصمت حين يكون الكلام عبثًا.
فالعقلاء لا يهربون من الجهل، بل يعلون عليه بسكوتٍ يسمو، وخلقٍ يُبقيهم كبارًا حتى حين يُساء فهمهم.
وقيل: في البعد غنيمة، نبتعد لكننا لا نهرب، حفاظًا على راحتنا، لأنفسنا حقٌّ لا بدّ أن نعطيها إياه.
وختامًا:
“لا تخاطب الجاهل فيغلبك بجهله.”
ـ عمر بن الخطاب
“لا تجادل الجاهل ولو أنك على حق، فمن جادل أصحاب الجهل سفهوا به.”
ـ علي بن أبي طالب
ماجدة الشريف








مقالة رائعة وحقيقة للاسف نرها في فئة من الناس
إما تجادلهم بلحكمه او تصمد عنهم
احسنتي الطرح
مها اسماعيل
ابدعتي 👏🏻👏🏻
كتابة التعليق
ليس كل ابتعاد هروبًا، فالعقلاء يعرفون متى يصمتون، ومتى يتركون الساحة بهدوءٍ يحفظ لهم وقارهم.
نحن لا نهرب، بل نرتقي بالصمت، لأن الراحة لا تُشترى بالانتصار في كل جدال، بل تُصان بحكمة الانسحاب.
👏👏👏👏👏👏👏👏سلمت حروفك المتالقه