يأتي معرض الكتاب كل عام كعرسٍ ثقافي ينتظره عشّاق الكلمة ورفاق الحرف، يحمل معه رائحة الورق ودفء العناوين وحنين الأرواح الباحثة عن ضوءٍ جديد في دروب المعرفة. كثيرون يتجهون إلى أجنحته بأقدامهم أما أنا فحضرت إليه بقلبي.
لم أكن هناك جسدًا لكنّ قلبي كان بين الممرات يتنقل بين أرفف الكتب يلمح العناوين ويتأمل وجوه القرّاء وهم يفتشون عن أنفسهم بين السطور.
في كل جناحٍ كنت أرى حلمًا يُولد وفكرًا يتجدد ووعيًا يتفتح على الحياة من جديد.
إن معرض الكتاب ليس مجرد حدثٍ ثقافي بل هو مساحة تلتقي فيها الأرواح قبل الأجساد وحيث تتصافح العقول قبل الأيدي.
كل كتاب هناك يحمل رسالةً خفية وربما يكون هو ما كنت أبحث عنه دون أن أدري.
حضرت بقلبي لأنني مؤمن أن الكتب لا تحتاج وجودًا ماديًا لتصل فهي قادرة على السفر إلى القلوب والعقول أينما كانت.
شعرت أنني أعيش تفاصيل المعرض من بعيد .. ازدحام القراء .. تهافت الكُتّاب على توقيع ملفاتهم .. وضحكات الأطفال وهم يكتشفون عالم الحروف لأول مرة.
وقد ازداد معرض الكتاب في الرياض هذا العام جمالًا وبهاءً بمشاركة الاخت الغالية زفاف الحربي بكتابها الجميل والرائع “فبشرناها” الذي لامس الأرواح قبل العقول وحمل بين صفحاته بشائر الأمل والإيمان فكان حضوره بمثابة نبضٍ جديدٍ في قلب الثقافة.
لم التقطت صورة تذكارية في أروقة المعرض لكنني التقطت في داخلي صورًا لا تُنسى.
صورًا للحلم.. و للثقافة.. ولشغفٍ لا يبهت مهما ابتعد المكان.
وفي النهاية يبقى معرض الكتاب حلمًا جميلًا حضرته بقلبي وترك في روحي بصمةً لا تُمحى وبريقًا يزداد كل عام حين تشرق فيه حروف الجمال من جديد.







