مواقيت الصلاة

مواقيت الصلاه بحسب التوقيت المحلى لمدينة المدينة المنورة ليوم الجمعة, 24 شوّال 1445هـ

الفجر
04:21 ص
الشروق
05:45 ص
الظهر
12:19 م
العصر
03:46 م
المغرب
06:52 م
العشاء
08:22 م
المشاهدات : 31244
1 تعليق

((في القصة عبرة))

((في القصة عبرة))
https://www.alshaamal.com/?p=251410

تناول أطراف الحديث مع الاخرين وخاصة كبار السن وذوي الخبرة ومن عاشوا أجيالاً سابقة ومر عليهم او مروا بأحوال وظروف حياتية متنوعة بين جدة وعوز وبين صحة ومرض وبين شباب وهرم كل ذلك يفيد المتلقي كعبرة وكمنهج حياة يحتذى وكقدوة واسوة لمن كان يبحث عن الحياة المثالية ويحاول تجنب ماحدث لغيره مما ينغص عليه حلو الحياة والتمتع بملذاتها المباحة أن تهيأت ووجدت ويأخذ بما سيكون رافداً لحياة جميلة مفعمة بكل مايتمنى الانسان في حياته ولاشك بأن كل انسان عاقل وسوي ومميز يأطر نفسه ويلزمها بكل ماهو خير له في حياته الدنيا القصيرة وحياته الطويلة السرمدية تلك التي يغفل عنها من نظرته دونية وفي تفكيره أعوج وفي عقله إختلاط وهذا حتماً لايستفيد مما نحن بصدد الكتابة عنه والافادة منه .
كنت شاباً يافعاً ادرس بالمرحلة الثانوية وظروف الحياة ليست على مايرام وبالكاد تسير والمدينة التي ادرس بها تبعد عن القرية التي أقطنها بمسافة تقرب من مائتي كيلو متر في طرق غير معبدة وكان لدي دراجة هوائية لاتفي بالغرض لمثل تلك المسافات فأشتريت عوضاً عنها دراجة نارية من احد الزملاء الذين ربما يصنفون من ميسوري الحال بأقساط شهرية لاأذكر هل كان القسط خمسون اومائة ريال أدفع القسط من المكافأة التي تصرف من المدرسة ومقدارها ٢١٠ريالات بالشهر .
وفي يوم من الايام طلب مني رجل أعرفه في متوسط العمر ذو لحية كثيفة سوداء(وقولي سوداء أهم مابالقصة) إيصاله الي احدى القرى لغرض له في تلك القرية فذهبنا على الدراجة النارية ووصلنا القرية في المساء فلم يتمكن من إنهاءموضوعه فاضطرينا للمبيت ولجأنا الي مطعم بدائي عبارة عن غرفة وطلبنا من صاحبه المبيت في المطعم بمقابل فوافق فأخذنا مقعدنا بأحد زواياه فبادرني الرجل بالحديث ليقطع الصمت الذي أطبق علينامع ليل لا يتخلله سوى وميض نجوم السماء الساطع الجلي فالقرى كانت بلا كهرباء في ذلك الحين والناس يخلدون الي النوم بعد العشاء الاخرة غالباً ولا اسواق ولا حوانيت ولامتجر الا ماندر وإن وجد فصاحبه يغلقه مع الشفق او في أول الغسق .
فقال الاترى هذه اللحية الكثيفة التي يزدان به محياي فقلت بلا إنها زينة الرجال قال أقسم لك بالله أنها كانت في يوم من الايام بيضاء ناصعة البياض لايخالطها شعرة سوداء واحدة رغم انني كنت شاباً في مقتبل العمر فقلت وهل هذا يعقل ؟ قال إليك القصة كاملة ، كنت شابا (والحديث له) معدماً لامال لدي ولا عيال ولي قريب عنده إبنة كفيفة ورغم أن ظروفي المادية شحيحة للغاية كما ذكرت ومع ذلك رغبت بالزواج فتقدمت الي قريبي لأخطب ابنته الكفيفة وبالفعل خطبت ووافق وتزوجت فازاد فقري فقراًولم استطيع الوفاء بإحتياجات الاسرة الجديدة ففكرت وقررت السعي في مناكب ارض الله الواسعة فعقدت العزم وهمت على وجهي من غير هدف واضح الا البحث عن الرزق أيا كان وأينما كان فساقني الله تعالى الي أهل خير وجدة وحلال وانعام فعرضوا علي رعي انعامهم مقابل شيء من هذه الانعام تم الاتفاق عليه استوفيها عندما تنتهي المدة التي اتفقنا عليها وفعلا قمت بالواجب وأكثر فلما انتهت المدة التي كانت سنتين اوتزيد قررت العودة الي أهلي بعد طول فراق وهم وغم فأعطوني اجرتي والجعل الذي اتفقنا عليه وربما زادوني وكانت الحصيلة عشرون راساً من الغنم وكانت تعد في ذلك الوقت راس مال وغنيمة كبيرة فسقتها راجلاً في طريقي الي مضارب أهلي وكانت المسافة تصل الي ميئات الكيلو مترات وقد اصبحت لحيتي هذه كما ذكرت لك بيضاء ناصعة البياض من سوء الحال والبعد عن الاهل والعشيرة والديار ، يقول فوصلت الي اهلي بعد عناء ومشقة بحصيلتي من الغنم والتي نمت وكثرت بفضل الله تعالى حتى اصبحت أعد نفسي من ميسوري الحال وبعد فترة من الراحة والاطميئنان رجعت لحيتي شيئاً فشيئاً الي السواد حتى أصبحت كما تراها الان لايوجد بها شعرة بيضاء واحدة ، قلت سبحان الله فهل يعقل هذا ؟ قال نعم راحة البال والسعة والجدة وانشراح الصدر وبلوغ المراد والحمد والشكر للمنعم تعيد الصحة الجسدية والنفسية الي الوضع السوي ، فكما فعل سوء الحال وندرة المال وقلة الحيلة
وغيمة الظروف الحالكة وعاصفة الزمان القاهرة فالمقابل ادى التعافي من تلك الحال ومسبباتها بفضل الله تعالى الي العودة الي الوضع الطبيعي كما ترى بأم عينك .
فهل لنا ان نقارن لنعتبر بين ذلك الزمان وهذا العهد المبارك الميمون والذي ولله الحمد الكل يتقلب بنعم الله تعالى فإن لم يبيضّ الشعر بسبب كثرة النعم ووفرتها وطغيان الغنى الذي لايقيد بشكر المنعم وعبادته حق العبادة والسير على نهج الصالحين من عباده وحفظ العهد والميثاق لولاة الامر الذين هم بعد الله تعالى سبب الغنى ورغد العيش والامن والامان والراحة والاطمئنان فلن يبيضّ شعر لقلة وعوز كما كان في فارط الزمان وغابره .
فلله تعالى الحمد والشكر حمداً يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه وصلى الله وسلم على نبي الهدى والرحمة نبينامحمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

كتبه/بقيش سليمان الشعباني
الخرج / ١٤٤٥/٨/١٩ هه

التعليقات (١) أضف تعليق

أضف تعليق

بريدك الالكترونى لن نقوم بأستخدامه.

You may use these HTML tags and attributes:
<a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <s> <strike> <strong>

  1. ١
    زائر

    ومن القصص دوما ناخذ العبر جزاكم الله خير الجزاء وبالسحر تدوم النعم اللهم لك الحمد ولك الفضل ولك الشكر ومنك خير العطاء يا واهب النعم