في عالم يضج بالضوضاء، حيث تتسابق الأصوات للظهور وتتصارع الأيدي على اختطاف الأضواء، هناك أناس يمضون بصمت… لا يعرّفهم لقب، ولا تسبقهم شهرة، لكن وقع خطواتهم على حياة الآخرين أعمق من كل التصفيق. هم كالمطر، يجيئون بلا إعلان، ويرحلون بلا ضجيج، لكن أثرهم يبقى أخضر في ذاكرة الأرواح.
هناك وجوه قد لا نعرف أسماءها، ولا أوطانها، لكننا نتذكر دفء أفعالها كما نتذكر شعاع الشمس في يوم بارد. يمدّون أيديهم لغرباء لا تربطهم بهم مصلحة، يقتسمون وقتهم وجهدهم كأن الرحمة هي الدم الذي يجري في عروقهم. هؤلاء لا ينتظرون عرفانًا ولا شكرًا، لأنهم يدركون أن أجمل العطاء هو ما قُدم خالصًا لوجه الله.
إلى الذين توقفوا في منتصف الطريق ليمسحوا دمعة غريب… إلى الذين اختاروا أن يكونوا سندًا حين تهاوت أكتاف غيرهم… أنتم تعرفون أن اليد التي تُعين لا تعلو على من تُعينه، بل تجلس بجواره، وتقول له دون كلمات: أنا هنا.
أنتم تصالحتم مع ذواتكم حين اخترتم أن تكونوا جزءًا من الحل، لا مجرد شهود على الألم.
لقد علّمنا رسول الله ﷺ أن “من كان في عون أخيه كان الله في عونه”، وأن تفريج الكرب عبادة تفتح أبواب السماء وتغسل القلوب من أثقالها. أنتم، دون شعارات أو منابر، تجسدون هذه المعاني، وتمشون بين الناس كمنبر حيّ يوزع الأمل بلا مقابل.
في زمن يركض فيه الجميع نحو مصالحهم، أنتم تبطئون الخطى لتسمعوا من يحتاج، وتمنحوه ما استطعتم… ربما كلمة تُعيد قلبًا للحياة، وربما فعلًا يغير مسار إنسان بأكمله.
أن تمنح دون انتظار المقابل، وأن تزرع الخير في أرض قد لا تعود لقطاف ثمارها… هذه هي العظمة الحقيقية.
وربما لا نعرف أسماءكم، وربما لا تجمعنا بكم صورة أو ذكرى، لكننا نحمل لكم دعاءً صادقًا في الغيب… بأن يردّ الله لكم كل يد مددتموها، وكل وقت منحتموه، وكل قلب طمأنتموه. وإن كان العالم لا يراكم، فالله يراكم، وما تصنعونه يلمع في ميزان حسناتكم ثقلا حتى وان نسيتموه.
أنتم لستم مجرد أشخاص مرّوا في حياتنا… أنتم الأثر الطيب الذي يبقى بعد أن ينتهي الموقف، والصوت الذي يتردد في ذاكرتنا كلما احتجنا أملًا جديدًا. أنتم الدليل الحيّ على أن الخير لا يموت، وأن الإنسانية مهما تعثرت، فإنها تنهض بكم من جديد.
المشاهدات : 50151
التعليقات: 4








ماشاء الله ….موضوعك اليوم فيه من خصالك النبيله واطلاعك الجميله….انتي محبه للخير وتمدين يد المساعده للغير….فحان الوقت ليرد لك ماقدمتيه من مساعده وعون للغير….بالتوفيق اختي الغاليه
و أنا هنا أقف معك ممددتن يدي بدعاء خالص لكل من منحنا املا و فتح لنا نافذة نور و أعاد شحذ همتنا لنكمل المسير
كعادة حرفك ، ساحر
سلمت يمينك غاليتي ليلى
تستاهلي كل خير