«عزّنا بطَبعنا» … رسالة من الماضي للحاضر، ومن الحاضر للمستقبل: الطبع الاصيل هو سرّ بقاء المجد.
اليوم الوطني للطفل ليس مجرد مناسبة للفرح والزينة والألعاب، بل هو فرصة تربوية عظيمة نغرس من خلالها في نفوس أبنائنا معنى الانتماء والاعتزاز.
فشعار هذا العام «عزّنا بطَبعنا» ليس كلمات تُردّد في يومٍ فرح ، بل رسالة عميقة تُذكّرنا بأن عزّة الوطن تبدأ من الطبع الأصيل الذي يتربى عليه الطفل منذ خطواته الأولى.
إن عزّنا لا يُستورد من الخارج ولا يُقاس بالمظاهر، بل يتجسّد في القيم المتوارثة: في الكرم والشهامة، في الوفاء والولاء، وفي الإيمان العميق بهذه الأرض المباركة. ويزداد هذا الانتماء رسوخًا حين يدرك الطفل أن وطنه يحتضن الحرمين الشريفين، أقدس بقاع الأرض، ورمز الإيمان ووحدة المسلمين، كما تحتضن جباله الثبات، وسهوله العطاء، وبحاره الكرم والانفتاح.
وفي زمنٍ تزدحم فيه المؤثرات وتتداخل الهويات، يبرز شعار «عزّنا بطَبعنا» بقوة وبكل وضوح كالدرع الحصين، ليذكّرنا أن حماية أطفالنا من ضياع الهوية تبدأ بغرس الطباع الأصيلة فيهم؛ تلك الطباع التي ورثناها عن الأجداد، وكانت وما زالت سرّ عزّة هذا الوطن ومصدر قوته. وإن احتفالنا بالوطن ليس مجرد زينة أو مناسبة عابرة، بل هو فرحة عميقة ورسالة تربوية في آنٍ واحد؛ نُدخل بها السرور على قلوب أطفالنا، وفي الوقت نفسه نغرس فيهم القيم التي تحفظ هويتهم وتبني مستقبلهم.
وهذه القيم والرموز التي نعلمها أبناءنا ليست مجرد موروث إجتماعي ،بل هي روح الرؤية السعودية التي تنطلق نحو المستقبل ،فالرؤية في جوهرها امتداد لتعاليم الإسلام وسنة النبي محمد عليه الصلاة والسلام،الذي علمنا أن الكرم والشهامة والوفاء والعدل هي أساس بناء الإنسان والمجتمع، ومن هنا فإن رؤية المملكة ليست مشروع تنمية فحسب،بل مشروع هوية وقيم، يربط بين الماضي الأصيل والحاضر المزدهر والمستقبل الواعد.
وفي هذا اليوم تتجلى مسؤولية المربين والمعلمين والآباء من خلال تحويل هذه الفرحة إلى دروس حيّة. يمكن أن يبدأوا بقصص قصيرة تحكي بطولات الأجداد وتجسّد قيم الكرم والشهامة، أو أن يرسم الأطفال خريطة لوطنهم يكتبون داخلها القيم التي يفخرون بها، لتصبح لوحة للهوية والانتماء. وقد يُطلب من الطفل أن يشارك بحكاية من بيته أو أسرته تعكس موقفًا من الوفاء أو الكرم، فيدرك أن هذه القيم ليست بعيدة عنه بل يعيشها يوميًا. كما يمكن ربطه بمعالم وطنه المادية والروحية؛ فيتعلّم أن الجبل يرمز للهمة، والشجرة للأصالة والرسوخ ، والفنجان للكرم، والمبخر للجود، أما الفزعة فهي مستمرة من مواقف الأجداد إلى إيماءة ولي العهد، جوهرها واحد: الصدق والأصالة.
بهذا يكتشف الطفل أن شعار «عزّنا بطَبعنا» ليس عبارةً تُقال ولا مشهدًا احتفاليًا يُرى، بل حياة تُعاش ورسالة تُغرس، لتبقى أصالتنا سرّ عزّنا، حاضرًا في وجدان أطفالنا، راسخًا في طباعهم، ممتدًا في مستقبلهم. عزّ الوطن طبعٌ خالد يسكن القلوب ويتجسّد في المكان ، وفي ذلك اليوم سيدرك العالم أن عزة الوطن ليست مجرد مشاعر، وإنما طبع متجذر في وجداننا وكياننا.







