قال تعالى:
﴿فَلَيسَ لَهُ اليَومَ هاهُنا حَميمٌ﴾ [الحاقة: ٣٥]
تأمل هذه الكلمات القليلة كيف تضع أمامك صورةً مرعبة عن الخسارة التي لا تعادلها خسارة.
إنها ليست خسارة مال.. ولا وظيفة.. ولا منصب.. ولا خسارة الأهل والأحبة في الدنيا
إن أعظم خسارة أن يقف الإنسان يوم القيامة وحيدًا.. بلا صديقٍ ينصره.. ولا قريبٍ يؤازره.. ولا أحد يشفع له.
نحن الدنيا.. حين نخسر شيئًا.. نجد له بدائل المال يُعوَّض.. العمل يمكن أن يعود.. وحتى العلاقات المقطوعة قد تُجبر مع الزمن.. لكن يوم القيامة لا مجال للتعويض.. ولا وقت لمحاولة.. ولا وجود لحميمٍ يسندك أو يخفف عنك.. لهذا كان أهل الإيمان ينظرون إلى كل مصائب الدنيا على أنها “هينة” إذا قورنت بالخسارة الكبرى يوم القيامة وقد قال بعض السلف : ” كل نعيم بعد الجنة حقير.. وكل بلاء بعد النار يسير ”
إن الخوف الحقيقي ليس من فوات فرصة دنيوية.. بل من أن يُحرم الإنسان من رحمة الله.. وأن يكون مصيره العزلة الأبدية في ذلك الموقف العظيم.
فالعاقل هو من يراجع نفسه قبل أن يأتي يوم لا ينفع فيه الندم.. ويسعى أن يكون له رصيد من الأعمال الصالحة.. وأن يجعل له عند الله ودًّا.. وأن يُكثر من عمل الخير والبر.. لعلّه يجد ذلك الحميم الحق.. وهو رحمة الله ورضوانه.. يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبه وبنيه.
إن أعظم المكاسب أن يربح الإنسان نفسه.. وأعظم الخسارات أن يخسرها.. كما قال تعالى:
﴿قُل إِنَّ الخاسِرينَ الَّذينَ خَسِروا أَنفُسَهُم وَأَهلِيهِم يَومَ القِيامَةِ أَلا ذلِكَ هُوَ الخُسرانُ المُبينُ﴾ [الزمر: ١٥].
لنزن كل خسارات الدنيا بميزان الآخرة.. لندرك أنها مهما كانت عظمة فإنها لا شيء بجانب الخسارة الحقيقية وهي:
أن يقف الإنسان يوم القيامة بلا حميم.
يوسف سوقجي







