الجمعة, 14 جمادى الآخر 1447 هجريا, 5 ديسمبر 2025 ميلاديا.
مواقيت الصلاة

مواقيت الصلاه بحسب التوقيت المحلى لمدينة المدينة المنورة ليوم الجمعة, 14 جمادى الآخر 1447هـ

الفجر
05:29 ص
الشروق
06:52 ص
الظهر
12:12 م
العصر
03:13 م
المغرب
05:33 م
العشاء
07:03 م
عاجل :

خادم الحرمين يوجه بتمديد العمل ببرنامج «حساب المواطن» والدعم الإضافي للمستفيدين حتى نهاية عام 2026

المشاهدات : 49859
التعليقات: 2

الغيرة بين الأدباء نارٌ تأكل الجَمال

الغيرة بين الأدباء نارٌ تأكل الجَمال
https://www.alshaamal.com/?p=305723

 

في زمنٍ كان يُفترض أن يكون للكلمة فيه سلطانٌ من ضوء، وللأدب فيه مقامٌ من رفعة، تسلّلت إلى المجالس الثقافية والملتقيات الأدبية ريحٌ صفراء اسمها الغيرة. ليست تلك الغيرة النبيلة التي توقظ الهمم وتُلهب الطموح، بل غيرةٌ مريضة تأكل صاحبها قبل أن تُصيب غيره.

لقد كان التنافس بين الأدباء في الماضي سِباقَ إبداعٍ وتنويع ، يقف فيه الشعراء والكتّاب على منصةٍ واحدةٍ يتبادلون الإعجاب والنقد بروحٍ ساميةٍ تليقُ بأهل الفكر.
أما اليوم، فقد تغيّر المشهد؛ صار بعضهم لا يكتبُ ليُضيء، بل ليُطفئ وهجَ غيره، لا يُشاركُ في اللقاءات الأدبية ليُثري الحوار، بل ليُظهر ذاته على أنقاض الآخرين.

هذه الغيرة ليست من معدن الكرام، بل من طينٍ فاسدٍ يخرج منه دخان الكراهية والضغينة.. غيرة الرجل من الرجل في ساحة الفكر، وغيرة المرأة من المرأة في ميدان الأدب، لم تعُد إلا انعكاساً لفراغٍ داخليٍّ، ونقصٍ في الثقة، وضعفٍ في الهوية، وقلة عقل وإيمان، من لم يستطع أن يصعد بموهبته، حاول أن يُسقط غيره بمكره. ومن لم يعرف طريق القمة، ظنّ أن الوصول يكون بتقزيم الآخرين.

ولأن الأدب ميدانُ أرواحٍ راقية، فكل من حمل في صدره سواداً لا يثبت فيه طويلاً. إن من يستعمل معول الهدم لسمعة الأدباء الحقيقيين، لا يدري أنه يهدم بيته أولاً، لأن المجد لا يُسرق، والموهبة لا تُنتزع بالحيلة، والصدق في الكلمة لا يُزاحمه ضجيج الحسد.

لقد صار بعض اللقاءات الثقافية اليوم مسارحَ للتفاخر، ومزاداتٍ للأنانية، بدل أن تكون منابرَ للفكر والمعرفة.
أين التنافس الشريف الذي يرفع من قدر الجميع؟
أين التقدير المتبادل الذي يُنبت الصداقة بين القلم والقلم؟

الغيرة بين الأدباء جرح في ضمير الثقافة.. من يُنافس بشرف، يرتفع حتى لو خسر، أما من يتسلق على أكتاف غيره، فسقوطه محتوم، لأن القمم لا تحتمل الأرواح الخفيفة.

يبقى الأديب الحقيقي هو الذي يرى في نجاح غيره امتداداً لجمال الحياة، لا تهديداً لوجوده. فالأدب لا يضيق بأهله، والسماء لا تُحجب بنجمٍ واحد.
إن الأديب الحقيقي لا يحتاج إلى تصفيقٍ مزيف، ولا إلى جمهورٍ مُستأجرٍ ليشعر بوجوده، يكفيه أن يكتب نصاً صادقاً يبقى بعد رحيله، يلمع كالنجم في ليلٍ حالك.
لأن الكلمة الصادقة تعيش، والكلمة المريضة تموت في فم صاحبها، “فالأدب والتعالي نقيضان لا يجتمعان في إنسان” .

تبصرة : لأولئك الذين أرهقتهم الغيرة، وتلبّستهم نيران الحسد، أقول : اتركوا الحقد جانباً، فالموهبة لا تُورّث، والفضل لا يُؤخذ غصباً. اكتبوا لأنفسكم قبل أن تكتبوا للناس، ولا تجعلوا من نجاح غيركم سيفاً على رقابكم. فالحياة أوسع من أن تضيق بإنجازات الآخرين ، والأدب أرحب من أن يُحجب عنكم لأن آخرين أبدعوا قبلكم.
اغسلوا صدوركم من الكراهية كما تُغسل الصحائف من الغبار، وتذكّروا أن القلم لا يكتب في صدرٍ ملوثٍ بالضغينة. واجعلوا الغيرة وقوداً للإبداع لا سُماً للقلوب، وكونوا ممن إذا رأى النور في غيره، أضاء قلبه امتناناً لا اشتعالاً.

بقلم الكاتب : أحمد القاري

التعليقات (٢) أضف تعليق

أضف تعليق

بريدك الالكترونى لن نقوم بأستخدامه.

You may use these HTML tags and attributes:
<a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <s> <strike> <strong>

  1. ٢
    زائر

    النص جميل جدًا وكلامك يا استاذ احمد يدخل القلب لأنه واقعي ويحاكي اللي صاير فعلاً بالوسط الأدبي
    فيه عمق وحكمة ولغته قوية ومتماسكة
    أسلوبه راقي وما فيه تصنع وتوصل فكرته بكل هدوء وثقة
    حبيت كيف ركز على إن الغيرة ما ترفع أحد بالعكس تفضح ضعف صاحبها
    وختمه كان مؤثر وفيه رسالة صادقة توجع وتوعي بنفس الوقت
    يعطي العافية استاذ احمد القارى على هالكلام الوازن

  2. ١
    زائر فاطمة الغامدي

    كناك غيرة وتنافس شريف وغيرة بحسد والثانية هي للاسف الغالبة الان