في لحظاتٍ امتزجت فيها الدموع بالدعاء، والحمد بالشكر، استبشر الوطن بعودة حميدان التركي، المواطن السعودي الذي ضرب مثالاً فريداً في الصبر والثبات على البلاء، وظلَّ اسمه محفورًا في قلوب الملايين ممن تابعوا قصته بتعاطفٍ ودعاء، وانتظروا لحظة اللقاء العظيم بينه وبين وطنه وأهله.
سنوات طوال من الغياب، كُتب فيها على قلب أسرته شوق لا يُوصف، ووجع لا يُحكى، لكنها كانت أيضًا سنوات من الدعاء المتواصل والثقة في عدالة الله، ثم في جهود قيادتنا الرشيدة. واليوم، ومع عودته المباركة، نستشعر عظمة الصبر، وصدق وعد الله:
“إن مع العسر يسرا”
“وبشر الصابرين”
لقد واجه حميدان التركي محنة ليست بالهيّنة، لكنها كانت ابتلاءً كشفت عن معدن رجل مؤمن، لم تلن عزيمته، ولم تضعف ثقته بخالقه، وهو ما أكسبه احترام كل من عرف قصته أو سمع بها.
وهنا، لا بد من أن نتوجّه بخالص الشكر والتقدير إلى القيادة الحكيمة في المملكة العربية السعودية، وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، على ما يبذلونه دومًا من جهود عظيمة في متابعة قضايا المواطنين حول العالم، والحرص على سلامتهم وحقوقهم، ومتابعتهم الدقيقة لكل ما يمس الوطن وأبنائه. لقد كانت جهودهم المباركة، بعد توفيق الله، أحد أسباب هذا اللقاء المليء بالمشاعر والدموع والفرح.
كما نزف التهاني الحارة والمليئة بالمحبة إلى أسرة حميدان التركي، تلك الأسرة الصابرة المحتسبة، التي ضربت أروع الأمثلة في الوفاء والثبات والثقة بالله ثم بوطنها. هذه العائلة، التي حملت الألم على مدى سنوات، لكنها لم تحمل اليأس يومًا، بل غلفت الصبر بالإيمان، والتجأت إلى الله بالدعاء ليلًا ونهارًا.
نعم، إنها لحظة فرح… لكنها أيضًا لحظة تأمل. تأمل في معنى الابتلاء، في حكمة الله في تأخير الفرج، وفي عظمة أن تعود بعد الغياب، أن ترى الوطن مرة أخرى وتشم ترابه، وتلمح مآذنه التي نادتك في غربتك.
ختامًا، نسأل الله أن يجعل هذه العودة فاتحة خير وبركة، وأن يعوّض حميدان التركي وأسرته عن كل لحظة ألم، وأن يحفظ وطننا وأمنه وقيادته، ويبقى كما عهدناه، وطن الشموخ والعدل، وبلد الإنسانية.
“ربنا أفرغ علينا صبراً وتوفنا مسلمين”
ودام عزك يا وطن.







