( حين يتنفس الإبداع من قلب الحجاز معرض عام الحرف اليدوية ٢٠٢٥ )

نحن في بلدٍ عظيم حباه الله بنِعَم كثيرة، ومن أعظمها ولاة أمرنا: خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، وبرؤية ٢٠٣٠ التي منحت للإبداع مكانة عالية.

فلن يكون هناك نجاح بلا جهد ومثابرة، ولن يحدث تألق وإبداع بلا تغيير وتطور، وانتهاج سبل مختلفة؛ لكي نصل إلى ما يرضينا أولًا، وينال إعجاب ذائقة المتلقين ثانيًا. فلكل مجتهد نصيب، وثمرة الجهد النجاح والتميز.

الحياة رحلة ممتعة، رغم كل المشقة والتعثر الذي يمر به الجميع؛ إلا أن الله سبحانه وتعالى منحنا طرقًا كثيرة لنتجاوز العقبات، ونتذوق متعة الرحلة بالنجاح الذي نصبو إليه.

فالفن متعة لا تضاهيها متع الحياة. دعونا نقف قليلًا مع الفن التشكيلي.

الجمعية السعودية للفنون التشكيلية “جسفت” فرع مكة المكرمة، بقيادة مديرها الفنان الأستاذ خالد بايونس ونائبها الفنان الأستاذ شاهر الشهري، تتألق مجددًا بمعرض عام الحرف اليدوية ٢٠٢٥، الذي أقيم يوم الأحد ٢٩ ربيع الأول من عام ١٤٤٧هـ في فندق إم ملينيوم، وذلك بحضور وافتتاح على شرف الدكتورة هدى هوساوي، رئيس قسم الفنون البصرية بكلية التصاميم في جامعة أم القرى، وبحضور مدير هيئة التراث الدكتور عبدالله الغنامي.

وللتميز دومًا عنوان؛ فقد تميز معرض عام الحرف اليدوية بتواجد أهل الاختصاص الأكاديمي وطالبات جامعة أم القرى مع نخبة من الفنانين والفنانات أعضاء جسفت. وما يميز جسفت مكة هو إتاحة الفرص للجميع، وخاصة لطالبات جامعة أم القرى، وصقل مواهبهن باكتساب خبرات جديدة تجعل منهن متمكنات من الفن التشكيلي، وتظهر على أعمالهن بصمة مختلفة بروح متجددة، مبتعدة عن الجانب الأكاديمي البحت، لتسمو النفس بالفكر في سماء الإبداع الرحب.

فعندما ننجز عملًا نحبه ويمثل شغفنا، نشعر بالفخر بأنفسنا وبوطننا الجميل.
ولله الحمد والفضل والمنة، شاركت في المعرض بعمل نال إعجاب الجميع، فكانت مشاركتي بعد غياب بمثابة بداية انطلاقة جديدة لي، حققت بها إنجازًا منحني الشعور بنشوة النجاح والتألق.

قدمت لوحة تحكي عن مهنة خياطة البشوت (المشالح)، التي أراها مهنة الشيوخ للشيوخ، ورمز الفخامة والوقار والرقي. اخترت اللون الأسود، ذلك اللون الملكي الرائع الذي يرمز للقوة والثبات، مع بريق الأصفر والذهبي ليجعل منه رداءً ذا قيمة عالية يتميز به رجال الجزيرة العربية والخليج العربي.

فهيبة البشت أكبر رمز يمثل معنى الأناقة للرجل السعودي.
استخدمت في عملي ألوان الأكريليك، متخذة الأسلوب التأثيري القريب من الواقعية، وتجسيد فكرة حرة أطلقت العنان لريشتي ولوني بلا قيود، محلّقة بإحساس يحاكي الخيال مع الواقع.

وقد قيل في الفن على لسان أمير الشعراء أحمد شوقي:

قيل ما الفن؟ قلت كل جميلٍ
ملأ النفسَ حسنه كان فنّا

وهكذا يبقى الفن التشكيلي رسالة جمال، وجسرًا بين الحاضر والماضي، وفضاءً رحبًا للإبداع، ومتنفسًا نُعبر به عن مشاعرنا، ونُجدد به اعتزازنا بوطننا وهويتنا العربية السعودية، في ترسيخ الهوية الوطنية وتعزيز الهويات الثقافية، وخاصة الهوية الحجازية.