مواقيت الصلاة

مواقيت الصلاه بحسب التوقيت المحلى لمدينة المدينة المنورة ليوم الاثنين, 27 شوّال 1445هـ

الفجر
04:19 ص
الشروق
05:44 ص
الظهر
12:18 م
العصر
03:45 م
المغرب
06:53 م
العشاء
08:23 م
المشاهدات : 54458
التعليقات: 0

من معين عاشوراء ( بين عقليتين)

من معين عاشوراء ( بين عقليتين)
https://www.alshaamal.com/?p=226179

هذا الموقف العظيم من الرسول العظيم عليه الصلاة والسلام في يوم عاشوراء معينٌ لا ينضب من الدروس.
ومنها: أنه يعالج معضلة من أعوص المعضلات، وأكثرها تخريباً للعقول وإفساداً لها، وفتكاً بالحقيقة، ألا وهي معضلة التعصب.
العقل المتعصب، هو الذي لا يؤمن بالحق ويقر به، إلا إذا صدر من الطائفة التي ينتمي إليها، أو القومية، أو البلد، أو المذهب، أو الديانة، أو ما شابه ذلك من الأطر الضيقة، التي حكم على نفسه داخلها.
ويقابل هذا العقل، العقل المنفتح، الذي جعل إطاره الذي يتحرك فيه، هو الحق وليس غير الحق. فالحق في ذاته هو القيمة عنده، وهو الغاية المنشودة، وهو الإطار الذي يتحرك داخله، بصرف النظر عمن صدر.
في قصة عاشوراء، يمثل اليهود، النموذج للعقلية المتعصبة المنغلقة، التي لا تقبل الحق حتى لو عرفته إلا إذا كان صادرا عنها، وإذا صدر من غيرها فهو محل رفض.
فهم لم يؤمنوا بالرسول ولم يتبعوه، على الرغم من معرفتهم به. فقد ورد في كتب التواريخ والتفاسير، أنهم كانوا يقولون لأهل يثرب من المشركين قبل الإسلام: سيُبعث نبي قد أضل زمانه، نكون معه فنقتلكم ونظهر به عليكم. فلما جاءهم وعرفوه ولم يكن منهم بل من العرب؛ كذبوه وكفروا به. وهذه الرواية التاريخية هي المشار إليها في قوله تعالى: ﴿وَلَمّا جاءَهُم كِتابٌ مِن عِندِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُم وَكانوا مِن قَبلُ يَستَفتِحونَ عَلَى الَّذينَ كَفَروا فَلَمّا جاءَهُم ما عَرَفوا كَفَروا بِهِ فَلَعنَةُ اللَّهِ عَلَى الكافِرينَ﴾ [البقرة: ٨٩]
ويمثل النبي عليه الصلاة والسلام، ومن معه من المؤمنين النموذج للعقلية المنفتحة، فقد أقرهم النبي عليه السلام على صيام عاشوراء وتابعهم عليه، وقال: نحن أحق بموسى منكم. دون أن يمنعه من ذلك صدور هذا الأمر من اليهود الذين كذبوه وعادوه وحاربوه.
وليس هذا بالموقف الجزئي العابر، بل هو معلم من معالم الإسلام، فالإسلام يقر ما عند الأمم من الحق، وما الإيمان بجميع الأنبياء والرسل، والذي هو من أركان الإيمان إلا دليلاً على ذلك. والنبي عليه الصلاة والسلام، عندما أراد أن يختصر دعوته وغايتها وهدفها، بين أنها إقرار وتكميل لكل حق وخير وصواب وفضيلة، فقال: ” إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق”.
فكل معروف سبق الإسلام أو جاء بعده، فهو محل دعوة الإسلام: ﴿خُذِ العَفوَ وَأمُر بِالعُرفِ وَأَعرِض عَنِ الجاهِلينَ﴾ [الأعراف: ١٩٩].
بمثل هذه المعاني العظيمة، يصبح عقل المسلم مجمعاً للفضائل، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يدخل في خصومة أو رفض لأي حق أو معنى صحيح، حتى لو كان صادراً من عدوه وخصمه.
فلا عظيم عنده إلا الحق والحقيقة، وكل شيء من الكيانات والانتماءات فهي دون الحقيقة وليست فوقها، والحق وميزانه هو الحاكم عليها، وليست هي الحاكمة على الحق.
ورغم هذا الوضوح، فإن كثيراً من المسلمين المسلمين أدركهم البعد عن هذا المنهج فأصابهم داء التعصب. فتأثرت الحقيقة عندهم بالإنتماءات الضيقة، أو الخصومات، فكل حق لم يصدر عنهم، أو صدر من غيرهم، وبالأخص من خصومهم، فهو محل رفض أو شك وتردد على أحسن الأحوال.
ولذلك عرف تاريخنا القديم والحديث، نزاعات قوية وحادة؛ مذهبية وسياسية وثقافية.
ولو أننا جعلنا شعارنا تأسياً برسولنا الكريم في مثل هذا اليوم” نحن أحق بكل صواب وحق وخير” لكنّا في المنزلة التي أرادها الله لنا، وهي أننا شهود على سائر الأمم والأديان والمذاهب والطوائف؛ نقوّم معوجّها ونقبل حقَها، وإلا فقدت البشرية حكمها وقاضيها وميزانها، وهذا ما يؤذن بحلول الفساد والخراب.

التعليقات (٠) أضف تعليق

أضف تعليق

بريدك الالكترونى لن نقوم بأستخدامه.

You may use these HTML tags and attributes:
<a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <s> <strike> <strong>