قبل نحو ثلاثة قرون، كانت الجزيرة العربية تعيش في ظلام الجهل والفقر وانعدام الأمن، حيث سادت الفوضى والتناحر بين القبائل، ولم يكن هناك استقرار يحفظ للناس أرواحهم وأموالهم. كان القوي يسطو على الضعيف، وانتشرت المعاناة في مختلف أرجاء البلاد.
لكن الله سبحانه وتعالى هيّأ لهذه الأرض قائدًا عظيماً، فقيّض لها الإمام محمد بن سعود – رحمه الله – الذي تولى الحكم عام 1727م (1139هـ) وأسّس الدولة السعودية الأولى، فاتخذت الدرعية عاصمةً لها، واستندت في حكمها إلى كتاب الله وسنة نبيه ﷺ، لترسي دعائم الأمن والاستقرار بعد قرون من التشتت والفرقة.
واجهت الدولة السعودية الأولى العديد من التحديات، لكنها صمدت حتى عام 1818م (1233هـ). وبعد سنوات من التوقف، استطاع الإمام تركي بن عبدالله – رحمه الله – استعادتها عام 1824م (1240هـ) مؤسسًا الدولة السعودية الثانية، التي استمرت حتى عام 1891م (1309هـ).
وفي عام 1902م (1319هـ)، سطر الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – طيب الله ثراه – أعظم الملاحم باستعادة ملك آبائه وأجداده، فوحّد البلاد تحت راية واحدة، وأعلن تأسيس المملكة العربية السعودية، لتبدأ مسيرة بناء وطن عظيم قائم على العدل والأمن والرخاء.
كانت البلاد آنذاك تعاني الفقر والجهل، لكن بتوفيق الله، ثم بشجاعة الملك المؤسس ورجاله الأوفياء، تحولت المملكة إلى كيان مترابط مترامي الأطراف، سار على نهجه أبناؤه الملوك، فبنوا هذا الوطن بدمائهم وعزيمتهم، ليورثوه للأجيال القادمة في أبهى صورة.
واليوم، نحيا – بفضل الله – في ظل عهدٍ زاهر بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان – حفظهما الله – حيث تشهد المملكة نهضة تنموية غير مسبوقة.
هذه الدولة المباركة لم تكتفِ ببناء الإنسان، بل أولت اهتمامها بالبنية التحتية والاقتصاد، فأسست المشاريع العملاقة في مختلف المناطق، مثل “نيوم” في الشمال، والمصانع في الوسط والشرق، وميناء جدة الإسلامي، ومدينة الملك عبدالله الاقتصادية، ومدينة جازان للصناعات التحويلية، وأكبر محطة تحلية مياه عائمة في العالم.
كما اهتمت بالشباب، فأنشأت لهم أكبر المدن الرياضية، وركزت على التعليم، فبنت المدارس والمعاهد والجامعات، إيمانًا منها بأن الاستثمار في الإنسان هو الأساس لنهضة الأوطان.
ولا ننسى رجال أمننا البواسل، الذين يسهرون على حماية هذه البلاد، مؤمنين بربهم، مخلصين لقيادتهم، مضحين في سبيل أمن الوطن واستقراره.
حفظ الله بلادنا، وأدام عليها عزها وأمنها وقيادتها الحكيمة، وجعلها شامخةً أبد الدهر، فهذه هي *السعودية العظمى*.