إن نجاح وزارة التعليم في تأسيس استراتيجيتها في مجال المسؤولية المجتمعية والعمل التطوعي محل تقدير وثناء، حيث يفضي هذا المشروع التنموي إلى تأطير خدمة المجتمع تأطيرًا مؤسسيًا ضمن دورها التنموي، كما يسهم في استقطاب الفرص والشراكات مع القطاع غير الربحي بهدف تعزيز علاقة الوزارة وإداراتها التعليمية ومدارسها بتلك القطاعات التي تعمل في مختلف المجالات، مما يتيح دراسة احتياجات المجتمع التعليمي وبناء وتصميم البرامج الملائمة لتفعيل التواصل بين المؤسسة التعليمية وقطاعات المجتمع المختلفة.
كما أن مشروع تعزيز ثقافة العمل التطوعي والمسؤولية المجتمعية يُعد أحد الركائز الرئيسة التي تسعى وزارة التعليم إلى تحقيقها، وهو ما نلمسه واقعًا في جملة المبادرات التي تعمل عليها، وذلك بهدف غرس القيم الوطنية والإنسانية التي تجسد معاني البذل والعطاء، مما يحقق الغاية في تنمية القدرات البشرية وترسيخ معنى التلاحم الوطني. وتتجه هذه المبادرات النوعية إلى جعل التطوع سلوكًا يصنع الفرق ويبني المجتمعات، بهدف تعميق الوعي الوطني وجعله مثالًا حيًا يؤكد الإحساس بمفهوم الانتماء للوطن، حتى يتمكن أبناؤنا الطلاب والطالبات من وضع بصمتهم الوطنية على مكتسباته الحضارية في كل جزء يمرون به ويقيمون برامجهم في كنفه.
إن العالم اليوم يعيش حالة من التقدم العلمي والتكنولوجي، وثورة في المعرفة والاتصالات، والتحول نحو اقتصاد المعرفة، الأمر الذي أدى إلى تزايد الدعوات المطالبة للمؤسسات التعليمية بضرورة إعادة النظر في طبيعة علاقتها بالمجتمع، والبحث عن أدوار ووظائف جديدة تستطيع من خلالها تقديم خدماتها لمختلف مؤسساته وفئاته، لتزويدهم بالمعرفة المتجددة والخبرة الفنية، بحيث تصبح المدارس والجامعات شريكًا فاعلًا مع المجتمع بقطاعاته المختلفة.
وقد أدت هذه التغيرات إلى زيادة الحاجة إلى تعزيز الشراكة بين المؤسسات التعليمية ومؤسسات المجتمع، لتطوير أوضاعها الاقتصادية وزيادة قدرتها التنافسية، مما يمكنها من مواكبة التطور العلمي والتقني.
### متطلبات نجاح الشراكة المجتمعية في التعليم
لنجاح مفهوم الشراكة المجتمعية في التعليم، لا بد من توافر عدة متطلبات تسهم في تحقيق أهداف هذه الشراكات، ومن أبرزها:
1. تنمية الوعي المجتمعي الداعم للشراكة المجتمعية في التعليم، من خلال نشر ثقافة الشراكة بين القيادات والمسؤولين في المؤسسات التعليمية ومؤسسات المجتمع.
2. وضع السياسات والتشريعات القانونية التي تنظم عملية الشراكة المجتمعية وتضمن استمراريتها.
3. عقد المؤتمرات والندوات المشتركة بين المؤسسات التعليمية ومؤسسات المجتمع، لتعزيز الارتباط بالقضايا المجتمعية الملحة.
4. إنتاج وتنفيذ برامج إعلامية لتعريف المؤسسات الإنتاجية والخدمية بالإمكانات المادية والبشرية المتوفرة في المؤسسات التعليمية، والخدمات التعليمية والتدريبية التي يمكن أن تقدمها لهذه المؤسسات.
5. تشجيع المؤسسات الإنتاجية والخدمية على تخصيص نسبة من أرباحها السنوية لتمويل المؤسسات التعليمية وإنشاء البرامج المتخصصة.
6. حث المؤسسات الإنتاجية والخدمية على التعاون مع المؤسسات التعليمية في إنشاء المعامل المدرسية، وتوفير الأجهزة والمعدات والأدوات اللازمة.
7. إشراك المسؤولين في المؤسسات الإنتاجية والخدمية في عضوية المجالس التعليمية بإدارات التعليم أو مجالس المدارس.
8. إنشاء نظام معلوماتي إلكتروني يبرز إمكانات المؤسسات التعليمية ودورها في حل المشكلات المجتمعية.
9. دراسة خصائص المناطق والأحياء التي تقع فيها المدارس، والتعرف على الأفراد والجهات التي يمكن أن تسهم في الشراكة الفاعلة، مثل المؤسسات الثقافية والاجتماعية والتجارية والصناعية وغيرها من مؤسسات المجتمع المدني.
10. التعرف على أولياء الأمور المساهمين، وإعداد قاعدة بيانات بأسماء الفاعلين اجتماعيًا، ودعوتهم للمشاركة في البرامج التطوعية التي تقدمها المدارس، بالإضافة إلى عقد اللقاءات معهم لمناقشة أوجه التعاون، ودعوة رجال وسيدات الأعمال لحضور الاحتفالات المدرسية، مما يسهم في تشجيعهم على تقديم الدعم.
### خاتمة
إن مبدأ التعاون والتكامل بين المؤسسات التعليمية، وعلى رأسها المدارس، وقطاعات المجتمع المحلي، من شأنه أن يعزز جودة الأداء التعليمي، وينمي المسؤولية المجتمعية، ويسهم في تحقيق مستهدفات رؤية 2030.
*كاتب المقال:*
*سعيد محمد الباحص*
*المنطقة الشرقية – الدمام*