السبت, 26 ذو القعدة 1446 هجريا, 24 مايو 2025 ميلاديا.
مواقيت الصلاة

مواقيت الصلاه بحسب التوقيت المحلى لمدينة المدينة المنورة ليوم السبت, 26 ذو القعدة 1446هـ

الفجر
04:06 ص
الشروق
05:35 ص
الظهر
12:19 م
العصر
03:42 م
المغرب
07:03 م
العشاء
08:33 م
المشاهدات : 12483
1 تعليق

الأثر الصامت: حين تصنع اللمسات الخفية أعظم التغييرات

الأثر الصامت: حين تصنع اللمسات الخفية أعظم التغييرات
https://www.alshaamal.com/?p=294403

يقول أنطوان دو سانت إكزوبيري:

”ما هو جوهري لا تراه العين.”

 

في عالم تملؤه الضوضاء والصور البراقة، هناك قوى خفية تعمل بصمت، تترك آثارها العميقة في أرواحنا دون أن ننتبه لها.

ذلك هو الأثر الصامت — اللمسات الصغيرة، الكلمات العابرة، الأفعال الخفية التي قد لا يُحتفى بها علنًا، لكنها تترك في القلوب بصمات لا تمحى.

 

نحن في عالم مهووس بالأفعال الكبيرة، نحتفي بالإنجازات العظيمة ونطارد اللحظات الصاخبة التي تملأ الأخبار. غير أن الحقيقة الأعمق تقول:

الحياة تتشكل بصمت.

بمشاعر خفية لا تُقال، بل تُلَمَس، بتصرفات قد لا نلتفت إليها لكنها تتسرب إلى القلب وتعيد بناءه.

 

تأمل مثلاً معلمًا يضع يده على كتف طالب يائس ويهمس له: “أنا أؤمن بك.”

قد لا تستغرق اللحظة أكثر من ثانية، لكنها قد تحيي في داخله بذرة حلم ظلّت تنكمش تحت رماد الخوف.

أو صديقًا يرسل رسالة بسيطة في لحظة ضياع، فيعيدك من حافة السقوط دون أن يعلم أنه أنقذك.

 

الأثر الصامت لا يحتاج إلى جمهور، ولا إلى اعتراف.

يكفي أن يمر بك، أن يلمس قلبك، ليبدأ سلسلة من التغييرات العميقة، تغييرات قد تظهر بعد أيام، أو شهور، أو حتى سنوات، لكنها حين تظهر، تكون قد غيّرت مجرى نهر كامل.

 

وفي علاقتنا مع أنفسنا أيضًا، ثمة لمسات خفية تصنع فارقًا.

تلك اللحظة التي تغفر فيها لنفسك خطأ قديمًا دون أن تخبر أحدًا، أو القرار الهادئ الذي تتخذه بأن تبدأ من جديد، بصمت، دون ضجيج.

هي أفعال خفية، لكنها تكتب بداية جديدة لحكايتك.

 

كم من أثر عظيم زرعناه دون أن نشعر؟ وكم من كلمة عابرة كانت النور في عتمة أحدهم؟

في عالم يعلّمنا أن القوة في الظهور والسطوع، يهمس الأثر الصامت لنا بحكمة أعمق:

أن تكون مؤثرًا لا يعني أن تكون مرئيًا، بل أن تكون صادقًا.

 

وفي عالم التدريب، حيث يتلاقى العلم مع الروح، يكمن سر عميق:

ليس أعظم المدربين من يحشو العقول بالمعرفة، بل من يلامس القلوب بلحظة صدق، بنظرة تشجيع، بكلمة تؤمن بالمتدرب قبل أن يؤمن هو بنفسه.

التدريب الحقيقي لا يُقاس بعدد الشهادات الموزعة، بل بعدد الأرواح التي غادرت اللقاء وقد رأت نفسها بطريقة أجمل.

 

كل مدرب، كل معلم، كل قائد… يحمل بين يديه فرصة نادرة لزرع أثر صامت.

فرصة لخلق تغييرات عميقة دون ضجيج، تحيا طويلاً حتى بعد أن تُنسى التفاصيل.

 

فاحرص، أينما حللت، أن تكون أنت ذلك الأثر.

ليس بالكلمات وحدها، بل بالروح التي تتسلل من خلال كلماتك.

 

ختاماً..

نحن لا نتذكر دائمًا ما قيل لنا بالتفصيل،لكننا نتذكر جيدًا من جعلنا نشعر بأننا مهمّون، محبوبون، قادرون.

وهذا هو جوهر الأثر الصامت:

أن تترك شيئًا جميلاً في قلب الآخر، دون أن تطلب شيئًا في المقابل.

فالعظماء لا يُعرفون بما قالوا، بل بما تركوه في القلوب حين صمتوا.

التعليقات (١) أضف تعليق

أضف تعليق

بريدك الالكترونى لن نقوم بأستخدامه.

You may use these HTML tags and attributes:
<a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <s> <strike> <strong>

  1. ١
    زائر

    الاثر ليس بكمية المعلومات الملقاة لكن الروح المعطاة والصدق التابع هو الاثر الحقيفي