خلق الله تعالى جنس الإنسان في أحسن تقويم كما جاء في قوله سبحانه(لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم) خلقه مولاه جلا في علاه في أحسن صورة وأجمل خلقة وأندر قوام وأكمل عقل وأشد بأس وأطلق لسان وأبلغ بيان وأدق سمع وأنصع بصر وأقوى شكيمة يميز ويفكر ويختار ويحتار ويتخذر القرار بإرادة الاحرار بإعتباره مسيّر ومخيّر بمشيئة تابعة لمشيئة خالقه سبحانه وتعالى وبنفس ٍ بين ثلاث درجات :
الدرجة الاولى : النفس المطمئنة : ترتقي عن درجات النفس الاخرى بدرجة عالية وعند الله غالية ولما خلقت له متفانية لاتحيد عن عمل الصالحات وفعل الخيرات واداء الواجبات والاقتصار على المباحات والبعد عن المنكرات وكل مايشوه الذات في كل حياتها متجملة ولضغوط الحياة متحملة لاتشكي من شدة ضيق ولا من حال ٍ صفيق ولا من فراق صديق بالاسلام تسمو وبالايمان تنمو وبالاحسان تنجو فيالها من نفس شريفة زكية نظيفة متصفة بالوفاء بالعلن وبالخفاء لاتأخذها في رضى ربها لائمة وبسموها قائمة وبالتقدم للأمام دائمة وعن كل مايعكر صفو تقواها صائمة وفي بحر ٍ من الإيمان عائمة الي أن تلقى ربها فيقول لها سبحانه بفضله وإحسانه (يأيتها النفس المطمئنة أرجعي إلى ربك راضية مرضية فدخلي في عبادي وأدخلي جنتي)
الدرجة الثانية: النفس اللوامة : درجتها متأرجحة بين الخوف والرجاء وبين الاخذ والعطاء وبين المعصية والتوبة وبين الهزل والجزل ترى الحق بعين فاحصة ولكن الهمة إليه ناقصة تلك التي تؤنب صاحبها وتلومه وتعاتبه على ارتكاب الزلل وإتيان الخلل وتنكبه طريق الوحل في غفلة ضمير وإنحراف تفكير وتدعوه للعودة والاقتراب من طريق الصواب لإتقاء العذاب وغضب رب الارباب وتهيء له طريق التنبه والابصار ومن ثم الانابة والتوبة والاستغفار والبعد عن مخادنة الاشرار فالصحبة أسرار فمنها ماهو للنفس دمار تلك النفس المقصرة التي تسلك الطريق المنحدرة لتستيقض متأخرة ثم تحاول العودة للطريق السالك قبل بلوغ المهالك قال تعالى (ولا أقسم بالنفس اللوامة)
الدرجة الثالثة : النفس الأمارة: أدنى درجات النفس وكل نفس تأمر صاحبها بما تهواه فإن كان ماتهواه يخالف مايحبه الله ويرضاه فهي ذاتها النفس الأمارة بالسوء والتي تحبب الي صاحبها الدنو من كل ماهو له عدو وتضطره الي اللجوءالي ما الي الهاوية يدفعه ويخفضه ولايرفعه ويجنبه كل ماينفعه في سيره في حياته ومرجعه فأي خبث فيها وأي نتن يعتريها وهي تعمل مايخزيها في حاضرها وماضيها ، قال تعالى(إن النفس لأمارة بالسوء الا مارحم ربي ان ربي غفور رحيم )
وليست هذه النفس عصية عن الصلاح اذا ما اراد الله لها الفلاح قال الله تعالى(إن الله لايغير مابقوم حتى يغيروا مابأنفسهم )الاية
فالانسان لديه القدرة على تغيير ما بنفسه الي الافضل او الي الاسوأ فهو مخيّر وسبيل الخير واضح وطريق الشر فاضح فأيهما سلك فهو الفاعل ويتحمّل النتيجة والمقابل .
قال تعالى (وهديناه النجدين)
ومن رحمة الله تعالى بعباده بأنه سبحانه جعل باب التوبة مفتوح مالم تغرغر الروح ومالم تطلع الشمس من مغربها بوضوح كعلامة كبرى لقيام الساعة وخراب ما بالحياة الدنيا وانقلاعه قال الله تعالى في كتابه الكريم (وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى اذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الان ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك أعتدنا لهم عذاباً أليماً) الاية وقال تعالى( إن الله لايغفر إن يشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء)
الله سبحانه هوالخالق الحكيم فعندما يولد الإنسان فإنه يولد على الفطرة النقية السليمة من أي شائبة الا أن البيئة المحيطة بالنشأة التي تعقب الولادة تؤثر علية وعلى فطرته التي ولد عليها تأثيرا مباشرا فإما تستمر فطرته على نقائها وسلامتها وإمان تنحرف وتنزلق الي الهاوية وكلا الطريقين بفعل فاعل يصدّق ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم( مامن مولود الاويولد على الفطرة وابواه يهودانه اوينصرانه او يمجسانه )اوكما قال صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى (فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرت الله التي فطر الناس عليها)
قال تعالى(ربنا لاتزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمةإنك انت الوهاب)
اللهم أتي نفوسنا تقواها وزكها انت خير من زكاها انت وليها ومولاها .
والحمدلله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.