بحكم عملي في التغطية الصحفية للاستعدادات الخاصة باستقبال ضيوف الرحمن لموسم حج هذا العام 1446هـ، تحاصرني الأخبار من كل اتجاه. كل ساعة تحمل معها قصة، وكل صورة تصلني تُشعل في داخلي الشوق، وتُوقظ أمنية دفينة بأن أكون هناك.. بين الحجاج، أردد التلبية، وأسير وسطهم.
لا يمرّ يوم دون أن أسمع عن محيطين بي يستعدون لأعظم رحلة في حياة المسلم، تلك الرحلة التي لا تشبهها أي رحلة أخرى، بعضهم يحزم الحقائب، وآخرون يودّعون أحبّتهم بدموع الفرح والدعاء. ومع كل خبر أو صورة، تهفو روحي للحج.. لتلك الفريضة التي وعد الله من أداها بإخلاص بحياة جديدة، حيث “يرجع كيوم ولدته أمه” طاهرًا من الذنوب والخطايا.
كم أتمنى أن أكون هناك.. أن أذوق برد الطمأنينة في عرفات، وأن أسمع قلبي يخشع في صحن الطواف، أن أرفع يديّ على جبل الرحمة، وأغتسل من تعب الدنيا بنظرٍ صادق إلى الكعبة المشرفة. أردد في سري مع كل حاج وحاجة: “اللهم اجعلها حجة مبرورة وسعيًا مشكورًا وذنبًا مغفورًا”.
كثيرًا ما أتمتم من بين زحمة التقارير والرسائل الميدانية: “وديلي سلامي يا رايح للحرم.. وادعيلي وسلِّم لي على هادي الأُمم”.
أقولها وأنا أعلم أن بين الطائفين من يحمل قلوب أحبّتهم في دعواتهم، وإن غاب الجسد فالشوق حاضر والدعاء موصول.
هنيئًا لكم يا ضيوف الرحمن، فأنتم في ضيافة رب كريم، يُباهي بكم ملائكته، ويغفر لكم ما تقدم من ذنب، هنيئًا لخطاكم التي تمشي في دروب الطاعة، وهنيئًا لقلوبكم التي لبّت النداء.