هل حدث أن وصفت شعورك بالحزن، ثم في لحظة صدقٍ داخلي اكتشفت أنه في الحقيقة غضبٌ مكتوم؟
هل نطقت يومًا بكلمة “تردد”، بينما كان ما بداخلك خوفًا لا تريد الاعتراف به؟
هل قلت “أنا موظف مكلف” بينما كنت تشعر بأنك مستنزف لا تُقدَّر؟
الكلمات التي نختارها، دون أن ننتبه، تُعيد تشكيل وعينا وتوجيه سلوكنا.
فما نسميه، نُصدّقه.
وما نُصدّقه… نعيشه!
تشابه الألفاظ… واختلاط المعاني
أحيانًا، نقول كلمات لا تعبّر عما نشعر به، بل عما اعتدنا قوله.
– نسمّي الغضب: حزنًا.
– نسمّي الحزم: قسوة.
– نسمّي التهوّر: شجاعة.
فنخدع أنفسنا بمصطلحات قد تكون من ورق، لكنها تُبنى على أساسها قرارات من نار.
هل تخدمك الكلمة أم تضللك؟
من يظن أنه يتصرف بشجاعة وهو في الحقيقة مدفوع بالخوف، قد ينزلق إلى قرارات كارثية.
ومن يُسمّي السعي المحموم خلف الكمال “مثالية”، قد لا يدرك أن جُذورها ضعف تقدير الذات لا أكثر.
التأثير على الشعور، والفكر، والتصرف
الكلمة تُحرّك مشاعرك، تُشكّل أفكارك، وتوجّه أفعالك.
فهل تُدرك ماذا تقول؟
هل تُسمي ما تمر به باسمٍ حقيقي، أم باسمٍ “مُزيَّن” اعتدت سماعه؟
وهم الإنجاز… وبريق المثالية
البعض يركض في سباق لا ينتهي، فقط لأنه أقنع نفسه بأنه “منجز” أو “مثالي”، دون أن يُدرك أن ما يحرّكه ليس الشغف… بل الحاجة العميقة للتقدير أو الخوف من النقد.
وهنا تبدأ فصول خداع الذات تحت عناوين رنانة.
قال تعالى: “وَعَلَّمَ آدَمَ الأسماء كُلَّها”
أول ما تعلّمه الإنسان… هو التسمية.
تسمية الأشياء كما هي، كانت لحظة البدء في وعيه.
فاصلة الوعي:
حين نُدرك ما نقوله، نُدرك من نكون.
وعندما نُعيد تسمية الأشياء بأسمائها الحقيقية، نبدأ بتحرير وعينا من الوهم…
ونفتح أبوابًا جديدة نحو حياة أكثر اتزانًا وصدقًا.