الوطن ليس مساحة جغرافية تُرسم على الخرائط، ولا تاريخًا يُحفظ في الكتب، بل هو روح تسكن في أبنائه، وكرامة تجري في دمائهم، ورسالة تتجدد في كل جيل. والسعودية لم تصنع عزتها من فراغ، ولم تقتبس مجدها من الآخرين، بل صنعت عزها من طبعها، ومن أصالة قيمها، ومن ثبات مبادئها.
عزّنا بطبعنا ليس شعارًا عابرًا، بل حقيقة نعيشها. فطبعنا الوفاء الذي لا يعرف الخيانة، والكرامة التي تأبى الانكسار، والإيمان الذي يمنحنا بوصلة لا تحيد. منذ فجر التاريخ، ونحن أبناء هذه الأرض نصنع من قسوة الصحراء صلابةً، ومن شظف العيش عزيمة، ومن التحديات فرصًا تُكتب بعرق الرجال وسواعد النساء.
لقد علّمنا وطننا أن المجد لا يُورث بلا عمل، ولا يُحفظ بلا تضحية. لذلك، لم يكن حاضرنا امتدادًا لماضينا فحسب، بل ثمرة رؤية وحكمة.
ففي ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان – حفظهما الله – تشهد المملكة نهضة استثنائية جعلت منها نموذجًا يُحتذى عالميًا.
رؤية تؤكد أن العزة لا تُكتسب بالمظاهر، بل تُبنى بالعمل والإصرار، وأن القمم لا تُعطى، بل تُنتزع بعزيمة راسخة.
إن عزّنا بطبعنا يعني أننا لا نساوم على ديننا، ولا نتنازل عن قيمنا، ولا نقبل بغير القمم موطنًا. يعني أن كرامتنا ليست كلمة تُقال، بل سلوك يومي، وأن قوتنا ليست ادعاءً، بل ممارسة تتجسد في مواقفنا وتاريخنا وإنجازاتنا.
ويأتي اليوم الوطني الـ ٩٥ ليذكّرنا بأن هذا الطبع الأصيل هو سرّ بقائنا، وهو ضمانة استمرار مسيرتنا. إنه يوم لا يُختزل في الأهازيج والاحتفالات، بل يوم نستحضر فيه معنى الوطن كرسالة ومسؤولية، ونجدّد فيه عهد الولاء، ونعلن أن العزة التي تسكن فينا ليست قابلة للبيع ولا للمساومة.
إن عزّتنا لم تكن طارئة، ولم تُشترى من الخارج، بل وُلدت معنا، ونمت فينا، وتجذّرت في أرضنا. هي عزّة تسكن السلوك قبل الكلمات، وتظهر في المواقف قبل الخطابات.
وفي كل عام، يطل اليوم الوطني ليقول لنا: إن سرّ قوتكم لم يكن سلاحًا ولا ثروة فقط، بل كان طبعًا نقيًا ورثتموه، وهو ما سيحفظ عزتكم للأبد.
عزّنا بطبعنا… وسيبقى طبعنا سرّ عزتنا ومجدنا، جيلاً بعد جيل.







