إنَّ الإرثَ التاريخيَّ العظيم الذي أسَّسه الإمامُ محمَّد بن سعود قد أثمرَ للعالمِ دولةً شامخة، رسمت سجلًّا حافلًا بأحداث الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية التي عاشها أبناء الجزيرة العربية آنذاك تحت حكم الدولة السعودية الأولى، مرورًا بحكم الإمام تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود -رحمه الله- مؤسِّس الدولة السعودية الثانية، وصولًا إلى توحيد المملكة العربية السعودية على يد مُوحِّدها الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود -رحمه الله-، وباني نهضتها، الذي يُنسب إليه الفضلُ -بعد الله- في تطوُّرها ونمائها، حتى وصلت إلى ما هي عليه اليوم من نهضة داخلية، ومكانة متميِّزة عربيًّا وإقليميًّا وعالميًّا. وقد واصل أبناؤه الملوك -رحمهم الله- هذه المسيرة المباركة، حتى العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان آل سعود، رئيس مجلس الوزراء، وهو العهد الذي تشهد فيه المملكة تطورًا هائلًا ونهضة غير مسبوقة في شتى المجالات، تقودها إلى تحقيق الأهداف الطموحة لرؤية السعودية 2030.
إنَّ أبناء المملكة، جيلًا بعد جيل، يفتخرون بهذه المناسبة العريقة، ويُحيون ذكرى ذلك اليوم المجيد، يوم التأسيس، الذي يمثِّل فخرًا واعتزازًا بتاريخٍ طويلٍ من الوحدة والتقدُّم. والحمد لله أننا نحتفل اليوم بهذه الذكرى العظيمة ونحن نعيش إنجازاتٍ حقيقية ونجاحاتٍ مشهودة تحقَّقت منذ ذلك الحين وإلى وقتنا الحاضر.
وفي هذا اليوم، تتدفَّق المشاعر الوطنية، ويعتزُّ كل مواطن بجذوره الراسخة وتاريخه العريق وهويته الوطنية التي يفتخر بها. فليس يوم التأسيس مجرد ذكرى عابرة، بل هو تأكيد على البطولات والتضحيات التي قدَّمها قادتنا الأوائل، الذين ضحَّوا بحياتهم وأفنوا أعمارهم من أجل رفعة هذا الوطن، حتى وصلنا إلى ما نحن عليه اليوم من رخاء وأمن وازدهار وسموٍّ بين الأمم.
كما أنها فرصة سانحة ليسترجع المواطن السعودي ذاكرة ثلاثة قرون مضت، منذ تأسيس الدولة السعودية، بما تحمله من أحداث ومواقف خلدتها كتب التاريخ، وبما أبرزته من معالم امتدت على طول الجزيرة العربية، مكَّنت هذا الوطن من العيش في رخاءٍ رغم التحديات والظروف العصيبة التي مرَّ بها في الماضي.
وفي هذا اليوم، يتجلَّى المعنى الحقيقي للولاء والانتماء، ويبرز الاعتزاز بالهوية الوطنية، بما يعكس قوة الإرادة التي تميَّزت بها المملكة منذ تأسيسها، كما يُجسِّد التلاحم بين القيادة والشعب في مسيرة البناء والتنمية. وفي هذا العام، يزداد الاحتفال عزمًا لتحقيق المزيد من الإنجازات التي تدعم رؤية المملكة المستقبلية في مختلف المجالات.
ويتزامن هذا الاحتفال مع أحداث كبرى تفرض نفسها على المنطقة العربية، حيث تبرز من خلالها شخصية المملكة وقيادتها الحكيمة، التي ترسم لنفسها المكانة اللائقة بها، وتتصدى لكل المحاولات التي تهدف إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة.
حفظ الله المملكة وشعبها، وأدام علينا نعمة الأمن والاستقرار، وجعلنا دائمًا أوفياء لتاريخنا المجيد ومستقبلنا المشرق، وكلَّ عامٍ ووطننا شامخٌ عزيزٌ أبيٌّ، وكلَّ عامٍ وقيادتنا الرشيدة بخير، وإلى الأمام دائمًا.