نتعرض في هذه الحياة لمواقف قاسية، وتواجهنا عقبات لا نتجاوزها دائمًا بسهولة.
نعطي بلا حدود، ونرمي خيوط الأمل بثقة عمياء، غير مدركين أنها قد تُقطع في أي لحظة. نمنح القلوب بصدق، ونظن أن الجميع يحملون نقاءنا.
نرفع سقف التوقعات دون أن ندرك، فنتلقى الضربة ممن حسبناهم جدار الأمان وطوق النجاة.
ننسى أنهم بشر، وأن الأمان الحقيقي لا يكون إلا مع الله.
نحسن الظن، نفتح قلوبنا، ونتعايش مع الجميع كأن الصفاء متبادل، فنفاجأ بالخذلان.
وهنا ينهار شيء في الداخل، تتبدد الألوان، وتغدو الحياة رمادية.
نكسر، بل نسمح لأنفسنا بأن تُسحق، لا لشيء إلا لأننا بالغنا في العشم وأسرفنا في العطاء.
ولو أمعنّا النظر قليلًا، لاكتشفنا أن الجرح ما كان ليكون لولا أننا لم نضع حدودًا.
الخطأ لم يكن فيهم فقط، بل فينا… في طيبتنا المفرطة، وتوقعاتنا التي تجاوزت المنطق.
لكن من وسط الانكسار تولد لحظة وعي.
لحظة ندرك فيها أن الحب لا يعني الذوبان، وأن العطاء لا يجب أن يكون على حساب أنفسنا.
هناك تبدأ الحياة الحقيقية.
نعيد ترتيب أولوياتنا، نغلق الأبواب المفتوحة على اتساعها، ونتعلم كيف نمنح دون أن نفقد ذواتنا.
الصدمة، رغم قسوتها، تكشف لنا الحقائق.
تُظهر الوجوه على حقيقتها، وتمنحنا درسًا لا يُنسى.
ندرك أن الاتزان هو سرّ العلاقات، وأن السلام الحقيقي يبدأ من داخلنا.
من عمق الصدمة تبدأ الحياة،
لأن بعض الانكسارات لا تقتل، بل تولدنا من جديد… أنضج، أقوى، وأكثر اتزانًا.