السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
في زحمة الحياة وتسارع وتيرتها، يغفل البعض – عن قصد أو غير قصد – عن عظيم ما قدمه المتقاعدون من جهدٍ وعطاءٍ وتضحياتٍ طوال سنوات عملهم. هؤلاء الكبار الذين أمضوا أعمارهم في خدمة الوطن، وتربية الأجيال، والمحافظة على أمنه واستقراره، وساهموا في نهضته، ومنهم من كان له دورٌ بارزٌ في تحقيق الأمن الغذائي، وسقاية الأرض، وزرع الخير، وحصاد النفع.
ومع كل هذا، نُفاجأ أحيانًا بمن يحصر المتقاعدين في صور نمطية لا تليق بهم:
❖ فكل فراغ نُسب إليهم،
❖ وكل تسلية وُصفت بأنها “مجال للمتقاعدين”،
❖ وكل تمرين خفيف أو اجتماع فيه بَسْطةُ روحٍ ورفقة، عُنون بأنه “أنشطة المتقاعدين”،
وكأن التقاعد عجزٌ، لا نهايةُ مرحلةٍ مليئة بالكرامة والعمل والإنجاز!
وهنا نُسجّل تنويهًا مهمًا،
بأن نقف عن تناقل المقاطع أو الصور التي يُشار فيها إلى المتقاعدين بشكل ساخر أو مستخفّ، تحت عبارات مثل “وقت الفراغ”، أو “تسلية المتقاعدين”، أو ما شابه ذلك. فمهما كانت النية مزاحًا، إلا أن التكرار في هذا السياق يطبع صورة ذهنية مجحفة، ويختزل مسيرة حياة حافلة بالعطاء في مشهد هزلي أو فراغ مفتعل.
ولنُدرك أن من حقهم علينا أن نردّ الجميل بقول الخير والتقدير، لا بالتهوين من شأنهم.
أليس هذا انتقاصًا ممن بنى وربّى؟
أليس في هذا جحود لتاريخ من الخدمة والبذل والإخلاص؟
نقولها بكل اعتزاز:
المتقاعد ليس عاطلًا ولا فائضًا عن الحاجة، بل هو مستودع خبرة، ومستشارُ حكمة، وذاكرةُ وطن، وعنوانُ وفاء.
هو من سار في دروب التعب حين كان غيره في بدايات الراحة، وأعطى يوم طُلِب منه العطاء، واليوم حين جلس، إنما جلس بعد أداء الأمانة.
📌 فليكن حديثنا عن المتقاعدين حديث شكرٍ لا سخرية، وتقديرٍ لا تجريح، واحترامٍ لا توصيفٍ مبتذل.
تحية تقديرٍ ووفاءٍ لكل متقاعد، ونسأل الله أن يُبارك في أعمارهم وأوقاتهم، ويجعل ما قدّموه في موازين حسناتهم.
📖 وقد قال الله تعالى:
﴿هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ﴾
وقال النبي صل الله عليه وسلم
إن من إجلال الله تعالى إكرامَ ذي الشيبة المسلم… [رواه أبو داود وصححه الألباني]
لعلها تسهم في الوعي شكرا لك